العنف في مكان العمل في مجال الرعاية الصحية: مشكلة متنامية تستدعي حلًا عاجلًا

يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية تحديات جمة في عملهم النبيل، من ضغوطات العمل المرتفعة إلى ساعات العمل الطويلة، إلا أن هناك تحديًا آخر يهدد سلامتهم ورفاههم بشكل خطير، ألا وهو العنف في مكان العمل.

شيوع مشكلة العنف في مكان العمل في مجال الرعاية الصحية

تشير البيانات الحكومية إلى أن العاملين في الرعاية الصحية أكثر عرضة للعنف في مكان العمل بخمس مرات من العاملين في المجالات الأخرى. ففي عام 2018، شكلت الإصابات غير المميتة الناجمة عن العنف في مجال الرعاية الصحية نسبة 73% من إجمالي الإصابات غير المميتة في أماكن العمل، وذلك وفقًا لأحدث البيانات المتاحة. بل إن هناك مؤشرات على تفاقم هذه المشكلة.

على سبيل المثال، أجرى اتحاد الممرضات الوطنيات الأمريكي استطلاعًا في عام 2021، أفاد فيه 40% من ممرضات المستشفيات بزيادة وتيرة العنف الذي يتعرضن له.

تجارب شخصية مع العنف في مكان العمل

تتحدث كارين كولين، وهي ممرضة مسجلة متقاعدة عملت في قسم الصحة العقلية بولاية ماساتشوستس لمدة 34 عامًا، عن تجربتها الشخصية مع العنف في مكان العمل. تشغل كارين حاليًا منصب رئيسة فريق عمل منع العنف والإساءة في مكان العمل التابع لاتحاد الممرضات بولاية ماساتشوستس.

وفي حديث لها، صرحت السيدة كولين:

"على مدار مسيرتي المهنية، تعرضت للعديد من حوادث العنف في مكان العمل، لدرجة يصعب عليَّ حصرها جميعًا. لكن يمكنني القول إنها تتجاوز المئة حادثة على مدى 34 عامًا، وشملت طيفًا واسعًا من التهديدات اللفظية إلى الاعتداءات الجسدية الفعلية. لقد تعرضت للعض والركل وال لكم والبصق، وحتى محاولة استخدام الأسلحة ضدي. هذه ليست أمورًا جديدة، ولست الممرضة الوحيدة التي تمر بهذه التجارب. إنها إحدى القضايا التي أعتقد أنه يجب معالجتها على وجه السرعة. لقد تفاقم الوضع بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، ويجب اتخاذ خطوات جادة لضمان سلامة الموظفين والمرضى والزائرين على حد سواء، إذ إن أصحاب العمل لا يفعلون ما يكفي لتحقيق ذلك."

صورة واقعية لمجموعة متنوعة من العاملين في مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك الأطباء والممرضات وغيرهم من المتخصصين الطبيين، يقفون معًا في دائرة.


من هم مرتكبو العنف في مكان العمل؟

تُشير الإحصائيات إلى أن معظم حالات العنف في مجال الرعاية الصحية تأتي من المرضى أنفسهم. ولكن هذا لا يعني أن العاملين في مجال الرعاية الصحية لا يواجهون مخاطر من مصادر أخرى، مثل:

  • أفراد عائلة المرضى
  • المرضى الآخرين
  • الموظفين الآخرين

غياب ردود فعل قوية من قبل إدارات المستشفيات

تتكرر عبارات الأسف والتعاطف من قبل إدارات المستشفيات عند وقوع حوادث العنف، لكن يفتقر الأمر إلى إجراءات ملموسة لمعالجة المشكلة من جذورها.

وهذا يؤدي إلى شعور الموظفين بالإحباط وعدم الأمان، مما قد يدفعهم إلى ترك المهنة، وهو أمر يضر بشكل كبير بجودة الخدمات الصحية المقدمة.

انتشار العنف في جميع أنحاء قطاع الرعاية الصحية

يُعتقد خطأً أن العنف في مكان العمل يقتصر على أقسام الطوارئ ووحدات الطب النفسي، ولكن الواقع هو أن جميع أقسام المستشفى معرضة لخطر العنف، بما في ذلك:

  • الرعاية المنزلية
  • عيادات الأطباء
  • وحدات الجراحة
  • وحدات الأمومة
  • وحدات ما بعد التخدير

عوامل تفاقم العنف في مكان العمل

يُعزى تفاقم العنف في مكان العمل في مجال الرعاية الصحية إلى عدة عوامل، أهمها:

  • نقص الموظفين: يؤدي نقص الموظفين إلى زيادة عبء العمل على الموظفين المتواجدين، مما يجعلهم أقل قدرة على تلبية احتياجات المرضى بشكل فعال، وهذا بدوره قد يخلق شعورًا بالإحباط لدى المرضى ويؤدي إلى سلوكيات عنيفة.
  • غياب العواقب: لا يُعاقب مرتكبو العنف في كثير من الأحيان بشكل كافٍ، مما يشجع على تكرار هذه السلوكيات.
  • سهولة الوصول إلى الأسلحة: يُشكل انتشار الأسلحة في المجتمع خطرًا كبيرًا على العاملين في مجال الرعاية الصحية.
  • إجراءات الأمن غير الكافية: تفتقر بعض المستشفيات إلى إجراءات الأمن اللازمة لحماية الموظفين من العنف.

حلول مقترحة للحد من العنف في مكان العمل

لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية من العنف، يجب اتخاذ خطوات جادة على مختلف المستويات، من تغييرات تشريعية إلى تحسينات في ردود فعل إدارات المستشفيات:

التغييرات التشريعية:

  • سن قوانين تُلزم المستشفيات بتقييم مخاطر العنف في مكان العمل ووضع خطط للتعامل معها.
  • إنشاء آليات إلزامية للإبلاغ عن حوادث العنف.
  • تغليظ العقوبات على مرتكبي العنف ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية.

تحسينات في ردود فعل إدارات المستشفيات:

  • تنفيذ برامج فعالة للوقاية من العنف في مكان العمل.
  • تقديم الدعم للموظفين الذين يتعرضون للعنف في مكان العمل.

فوائد معالجة مشكلة العنف في مكان العمل

معالجة مشكلة العنف في مكان العمل في مجال الرعاية الصحية يُؤدي إلى العديد من الفوائد، منها:

  • تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة.
  • تقليل حوادث العنف في مكان العمل.
  • زيادة شعور الموظفين بالأمان والراحة في العمل.
  • تحسين قدرة المستشفيات على جذب واستبقاء الموظفين.

ختامًا

العنف في مكان العمل في مجال الرعاية الصحية مشكلة خطيرة تتطلب حلولًا عاجلة على جميع المستويات.

من خلال العمل الجماعي والالتزام، يمكننا خلق بيئة عمل أكثر أمانًا للموظفين والمرضى على حد سواء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل اوستيوكير يرفع الضغط؟ الحقيقة وراء مكملات الكالسيوم وصحة القلب

دليل شامل لمنتجات مكافحة قمل الشعر وبيوضه في الكويت: مميزات وعيوب كل منتج